"في انتظار البرابرة" ج.م كوتزي 223 صفحة
استعدوا للانطلاق في رحلة عجيبة نحو
اللامكان و اللازمان حيث تختلط المفاهيم و تنقلب الأدوار!
سنحط الرحال في مستعمرة حدودية يقع خلف
أسوارها موطن "البرابرة" يحكمها قاض كهل يقوم بجميع المهام الإدارية
تقريبا. كانت المستعمرة تعيش في حالة من السكون و الهدوء رغم التوجس من هجوم قد
يحصل في أية لحظة من الجيران "المتوحشين".ألى أن حل عليهم محقق
"وحشي" عفوا انيق بإيعاز من المكتب الثالث الذي قرر أن
"البرابرة" هم العدو الذي يريد الإطاحة بالامبراطورية فتتحول المستعمرة
إلى سجن كبير و مقر للتعذيب و الاغتصاب و القتل العلني!
نتحدث هنا عن سياسة "صناعة
الغول" و تدجين الشعوب و تنويمها و اقناعها بأن الغير عدو متربص رغم أنه لم
يصدر منه أي فعل يشي بذلك، طبعا لحاجة في نفس يعقوب! الغير المختلف الذي هو
بالتأكيد خطير و يجب إبادته، هو الغول الذي يتربص و ينتظر في الخفاء من أجل
التهامنا و نهش لحمنا و تفتيت عظامنا. و هذا ما حصل في المستوطنة التي كانت تعيش
في رغد و سلام حتى حل المحقق و قلب الموازين! وحده القاضي الذي كان يملك ضميرا
نقيا و عقلا مستقلا رفض ذلك لدرجة أنه ادخل "بربرية" لبيته و فراشه و
قلبه! هذا الحب كلفه الكثير، منصبه و كرامته بل حتى حريته!
أريد أن أتحدث أيضا عن مسألة جعلتني أحس
بالغثيان، "البرابرة" من هم؟ ما "البربرية"؟ ارتبط مفهوم
البربرية بالتوحش و الانسانية المشوهة التي تدفع للسرقة و الاغتصاب و القتل، و من
هذا المنطلق فإن سكان المستعمرة _و على رأسهم المحقق المتأنق_
"المتحضرون" هم أباطرة البربرية و ليس أشخاصا مسالمين آثروا العيش في
أحضان أمهم الطبيعة، معتمدين على نشاطات يدوية طبيعية بعيدا عن صخب الحضارة
المنافقة و المشوهة! أظن أن كل شخص منا مشروع بربري أو بربري الهوى، و أنا واحدة
منهم!
لست أدري عن المعنى اللغوي و لا الحمولة
الثقافية لكلمة "بربري" لكنها ترتبط في عقلي بسكان البرية الذين يقدسون
الطبيعة و العيش البسيط. و طبعا بعيدا عن ما تعنيه عندنا في المغرب.
أظن أن كل واحد منا حين سيقرأ هذه الرواية
ستخطر بباله دولة ما إن لم أقل دول عديدة تنهج هذه السياسة و هذا ما يجعل منها
رواية كونية تنطبق على واقع معاش يا في الماضي، يا مستمر في الزمن! و أعتقد أنه
السبب الذي جعل الكاتب يتخلى عن إعطاء أسماء للأماكن و الإمبراطورية ليترك باب
الكناية و الإسقاط مفتوحا.
حسنا لن أقول أنها رواية مشوقة جدا لكنها
رواية تستحق الوقت و الجهد العقلي الممنوح لها.
قراءة متأنية أعزائي
رابط التحميل:
جميييييل جدا جدا انا احب الكتب و دائما ما ارغب في تحميل الكتب
RépondreSupprimer